الجمعة، 24 فبراير 2017


مجلة العرايس 

مجلة شهرية، وثائقية، ثقافية، وبلدية خاصة


 العدد 53، الخميس في 23 شباط 2017م



العــرايـــــس

(مكان أثري غربي بلدة عبّـا)


عدد خاص :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      المرحومة المربية الحاجة نهلا حسين قديح " إم بشار"
   زوجة الأستاذ خليل ترحيني " أبو بشار "


                                    1942 - 2017م 

إعـداد وإشـراف:
خليل توفيق حسين ترحيني
(أبو بشار)
عبّا – الجنوب – محافظة النبطية – لبنان
تلفون: 510574  07

مدونة مجلة العرايس: 
http://al3arayess.blogspot.com 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفهرس 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ........ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-   الصورة .
- تاريخ الوفاة .
- شريكة العمر ( أبو بشار )
-انتهى المشوار..؟؟
- مواساة ( الأستاذ عفيف جمعة )
في رثاء المربية الفاضلة خالتي نهلا قديح رحمها الله ( عباس جمعة )
 - بعض من مسيرة حياة والدتي السيّدة نهلا قديح ( المهندس بشار ترحيني )
- كلمة السيد كوثر ترحيني غندور في ذكرى اسبوع على وفاة والدتها .
- خاطرة : بمناسبة اقتراب مرور40 يوماً 
على وفاة شقيقتي المرحومة الحاجة " أم بشار" (الدكتور ناهض قديح )
برقية تعزية من سماحة العلامة السيد علي السيد محمد حسين فضل الله.
_ خاطرة : " إم بشار" ( الأستاذ عباس ترحيني ).
مشوار البرية للتنقيب عن الهندباء ...، السِّلْقُ*...
- خواطر للدكتور ناهض قديح .
- مقالة: جشع المواطن اللبناني ( للمرحومة المربية نهلا قديح - 2003 )








غفت نهلا، وورود الحوض حيرى، أين الايادي الناعمة التي كانت تدللها، أين الصباحات التي تشرق شمسها على انغام صوتها، أين المياه العذبة التي تروي الجذوع وتغسل الأوراق وتنعش الشتائل والبراعم ... أين ابتسامة إم بشار وهي تمسح الندى عن وجنتي وردة فتية بانت ازهارها..أين الأحاديث الطويلة التي كانت تأنس بدندناتها أزهار الياسمين على وقع ارتشاف القهوة في ظلها مع جارة العمر "أم شريف " 


 غفت نهلا ... وحلّ السكون ...وتبقى ألوان الذكريات الجميلة كالحلم تعبر ....والدار يلفها طيفك ...وصورك النادرة تنتشر أزرارا في تشكيلة الورد وازهار الحوض ...التي افتقدت لطلتك ...رحمة الله عليك ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاريخ الوفاة 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توفيت الاربعاء 18-كانون الثاني - 2017م
ووريت الثرى في جبانة بلدتها عبّا 
الخميس 19-كانون الثاني -2017م 













لملم العمر ذكرياته في حقيبة السفر وعلى وقع الغروب عرجت روحك الطاهرة بنفس مطمئنة وبزاد وفير من العطاء على مسافة 74 سنة من العمر....وما اجمل زادك ورصيد انجازاتك ...الذي بان بمواسات محبيك الذين احزنهم فراقك... يقولون الدنيا أم ...وأنت كنت أم الدنيا عندنا ... لم أفقه بعد فلسفتك العاطفية حتى يومي هذا ...فما إن يطل الصباح حتى يزغرد هاتفك وأنت تطمئنين علي ..." فآنس في صباحك وأتفاءل بالخير ...وأنت تراقبين نبرة صوتي ..واذا ما اطمأنيت له تسارعين بالسؤال عن زينب والاولاد فردا فردا ..تذكيريني بالاتصال بهم لمتابعتهم بتفاصيل حياتهم ...تمر ساعة او ساعتين ...فيأتي الاتصال الثاني" اتصلت بهم .." حاضر سأتصل بهم ..." ...انتظرك لأطمن عنهم.."...دقائق معدودات...تبادرني بالاتصال الثالث " ...اتصلت بهم وهم بخير .. دير بالك على حالك ...لا تنسى الاتصال بهم ..." ...كان هذا خبزي اليومي ..وجرعة لنهاري الطويل في العمل ..صباحاتي تمر ولم أتعود بعد ... على رحيلك ...تمر الساعة الثامنة صباحا بصمت ..ولا يرن هاتفي ...رحمة الله عليك... اسمع دعاءك الذي يلازمني في خاتمة اتصالك .." حبيبي الله يحميك ويحمي أخوتك ..دير بالك على حالك ..وبس تفضى طمني عنك وعن الأولاد ...عم تتصل ببشار ..مضت ايام ولم يتصل بي طمني عليه ...قلبي مشغول عليه .." وقبل ان تنهي اتصالها تكرر السؤال عن خليل وكيندة وساري وزينب ..."
 لم يعد الهاتف يرن صباحا ...لكن عند الساعة الثامة ..التفت اليه فاسمع صوتك من جديد ...لكن هذه المرة من اعماق قلبي . ..رحمة الله عليك ..
في لحظات قليلة تمر الصور والذكريات والكلمات ...تهزني ... تلفني ... تشعرني بالبرد ...لكن دعاؤك اليومي يبلسم حزني ...ويزيد من شوقي ...وعشقي ...وحبي ....عذرا يا اجمل الامهات ...فراقك صعب ..انت معي ...يا حلمي وكهفي ...يا صباحي ومسائي ...يا دنيايي ...واجمل حب ... كل الحب ...
 يا حياتي ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 علي ترحيني (إبن الفقيدة ) 18-2-2017م




شمس تعشق ألوان الحياة ...
تشبع أيامنا حبا وعطفا وعلما وسلاما ،...
تشغل نهاراتنا بأنوار العطاء وكثير التضحيات ...
حاضرة ، متأهبة ، على مدار المواقف والدفاتر والصور والذكريات ...
توزع الحب والأمل والبسمة والكلمات الطيبة ...
حياة نهلا ....حبا يشعل القلب والعقل والوجدان ، ...
 شمسك لا تعرف لون المغيب، وطقوس الغروب ، تحلق أنوارا على صفحات النجوم ، ووجنات الورود ...
يسبح صوتك تراتيلا على مدى أيامنا ..صدى دعاء ...
ارى في عينيك ينابيع الوجود وعطر الحياة وجمالها ...
تبقى نهلا .....حاضرة ...بطلتها البهية ....
 شمس لا تعرف لون المغيب ...







الكلام عن شريكة العمر وأم الاولاد والزوجة الفاضلة نظير المربية الحاجة نهلا حسين قديح كمن يختصر المكتبة في كتاب والجدول في قطرة ماء ...

بفقدانها أصبحت أكثر حضورا وأعظم فعلا  في النفس بعد أن حجبها الموت .
في عام 2004م  آن آوان الراحة والتقاعد بعد أربعة عقود من الترحال والنضال فترجلت الفارسة عن صهوة فرس التعليم . 
نالت شهادة " البروفيه " عام 1959م وأنخرطت في سلك التعليم عام 1960م في مدرسة (المرحومة المربية الحاجة ليلى نصار ) التكميلية الرسمية في النبطية . 


بعد التقاعد عملت في ميادين النشاط الاجتماعي : ناشطة أجتماعية على صعيد البلدة عبّا والجنوب ...أسست المنتدى الثقافي  2004 - 2005 م في البلدة والذي قدم على مدى سنوات محاضرات أدبية ولقاءات شعرية لمختلف شعراء وأدباء المنطقة .




كانت من مؤسسي  ورئيسة جمعية أصيلا الخيرية الثقافية 2008م - علم وخبر 1612 التي نشطت في أقامة الدورات التدريبية في مجال التنمية الإجتماعية والحوار والتربية ...








بعد أن قضت عمرها في العمل الشاق : التعليم ... تقاعدت من دون سلسلة ( سلسلة الرتب والرواتب ) حفاظا على كرامة تخرق أطرافها السنوات إذ أعطت مهنة التعليم أكثر ما أعطتها...
ولكي ترتاح وجدت نفسها ضمن حديقة غناء في بيت ريفي مسكون بالذكريات ...فاجأها المرض فقابلته بالصبر وقاومته بتلاوة القرآن الكريم ...
ان الكآبة ترسم حالة الحزن في رحاب مدرستك التي عملت فيها وفي بيتك التي أقرت عينيك فيه بأسرة ناجحة ...
لذلك تنبعث اللهفة في عينيك والعهد الطيب في تقاسيم وجهك ...
ما زال الثرى نديا حيث ووريت بصمت يليق بأصحاب النفوس الكبار رحلت من دنيانا ...
في هذه المناسبة الأليمة نشكر اليد التي صافحة والكلمة التي واست وعزّت والدمعة التي نزلت ...
                                               خليل ترحيني " أبو بشار " 
                                                  - عبّا قضاء النبطية - 
                                         الخميس في 19 كانون الثاني 2017م 




انتهى المشوار..؟؟
والدتي السيّدة نهلا قديح ودّعتنا هذا المساء..
سرواتك شامخة ومنتشرة بالعزّ وأغاني الرِّيح ورفرفة طيور العشق على أكتافها تعلو على سفح ألوان الزهور الباهية بعروق يديك.. كحلت عيوننا 
بورق التّوت و الزّيتون و طيّبت جروحنا بعصارة الطيّون
 فكم لنا ان نضمّد جراحك بدفء الحبق المتواري على أطراف الحديقة ينتظر أناملك التي تعمَّقت أقلامها وبانت مجاري الدّم الأحمر فيها زرقاء..
 وانت في خلوتك تمسحين جلدك النّاشف برواق أنملك ودقتها.. ويمضي الوقت على مهلٍ يطوي فينا معطف الأيّام على ظلال العمر لنشرب قهوتك الصباحيّة المُرّة وكوب الماء المغسول من ندى ورودك المتراصّة في جَنّة بنيتها بنفسك صارت فردوسنا و هديل أحلامنا والأصوات متعالية ضاحكة، تقهقه لمجون الحياة و رشاقة جذعها المنتصب الى فضاء تعلوه فضاءات يراوغها سديمٌ لا طعم له ولا رائحة.
وانت المناضلة الحالمة المنتصرة!
تثاءبت الورود في الأحواض أمام البيت وفاح الحبق بحنانك
و الياسمينة الكبيرة تسأل عن يديكِ..
عودي لها لتفرح بك من جديد..
 كلنا بانتظارك..

لن تعودي إلينا بعد اليوم..؟؟
 أهكذا ينتهي المشوار؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشار ترحيني - 18-1-2017





" إم بشار "  
فقيدتنا الطاهرۃ النقيۃ..

المربيۃ الفاضلۃ الابيۃ..

الزوجۃ المخلصۃ الوفيۃ..

الام الحنون الرءووف..

الاخت المحبۃ لاخوانها واخواتها..

الصديقۃ الصادقۃ..

رحمك الله بواسع رحمته..

واسكنك فسيح جنانه..

عزاءي الی زوجك الكريم الاستاذ خليل ترحيني..وابنائها وبناتها الاحباء..واخوتها واخواتها الاعزاء..

....والهمنا جميعا جميل الصبر والسلوان 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذ عفيف جمعة 

في رثاء المربية الفاضلة خالتي نهلا قديح رحمها الله


لوين يا مربية الاجيال بعد بكير شو صار؟
يا مدرسة ... يا أرزة العلم الشامخة
يا الأم الحنونة ل مكلل جبينها بالغار
وردة السبعين لبعدو بأولو شو بقول
و عم تسأل عليكي الحبقة و زيتونة الدار
شو بقول للغيمة المارقة
لكنتي تبعتيلي كل يوم معها خبار
 شو بقول للزنبقة الحانية
و حاملة للربيع الجايي الك خمس ازرار
هلإيد لكانت كل يوم الصبح تحضنك ...نامت
بعتذر منك غابت يا مقصرالإنذار
سافَرت لبعيد فوق الغيم علهدا
 عا جنة الفردوس هل مرة طول المشوار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.........
بقلم عباس جمعة (داني)



" إم بشار " في لقاء  عائلي مع الدكتور سليمان قديح 

 بعض من مسيرة حياة والدتي السيّدة نهلا قديح
******

 نشأت والدتي السيدة نهلا قديح في النبطيّة في عائلة علمٍ وأدبٍ وأخلاق، في كنف أبيها الاستاذ والشاعر حسين قديح و والدتها زينب بشارة من أولى حاملات شهادة السرتيفيكا في المنطقة.



 أوّل ما تعلّمته من والديها كانت دروساً في الحريّة والثّورة والعدالة، فشدّت عودها باكراً لتكون عريفة في كشافة التربية الوطنية عام 1955 مندوبة في المخيم الكشفي العربي الأوّل.
 وسرعان ما التزمت بقضايا الوطن والأمّة مناضلة في السابعة عشرة من عمرها في صفوف القوميين العرب مع رفيقاتها المربية المناضلة فريحة الحاج علي والمربية الشاعرة ليلى نصار.. واعيةً للمؤامرات التي تستهدف وطننا العربي لتمزيقه من خلال بث التفرقة والنفخ في أتون الفتن الدينية والمذهبية والإستعمار الشّرس وهوله على الشعوب العربية من التقسيم الى استلاب فلسطين، رافعة مع رفاقها شعارات الوحدة والمقاومة والعدالة الاجتماعية.
 كانت تقصّ علينا تنقّلها من النبطيّة الى جباع مشياً على الأقدام لتوزيع بيانات الحركة و أفكار مؤسسيها جورج حبش وهاني الهندي أو الدّعوة الى ندوة للاستاذ محمّد الزيّات في قاطع النَّهر.. ويوم شاركت وفد حركة القوميين العرب لتهنئة (جمال ) عبدالناصر في دمشق يوم الوحدة وأعاقت الثلوج في البقاع والسلسلة الشرقية وصولهم، وتم تزويدهم بالمؤنة حتى أقلّتهم طائرة مروحية الى دمشق للقاء الزعيم البطل.
ويوم كانت في طليعة مظاهرات الطلبة في بيروت تضامناً مع الثورة الجزائرية هاتفةً :
الجزائر عربية
يا طلاب الحرية
والتي انتهت بضربات سلطة الجيش محاولين اعتقالها وكيف تكاتفت التظاهرة لحمايتها.
 وهكذا ثابرت في العمل النسائي وتحرّر المرأة وتقدّمها فكانت من النواة المؤسسة لجمعية تقدّم المرأة في النبطيّة الى جانب السيدة سلمى علي أحمد وعضوة فاعلة في لجنة حقوق المرأة ومؤازرتها للقضية الفلسطينية وسائر قضايانا العربية.. وكانت تحدّثنا عن نضالات المرأة العربية وتعرّفنا وتلقننا أسماء الثائرات ضد الاستعمار الفرنسي :المغربيّة رحمة حموش والتونسيّة مجيدة بوليلة والجزائريات جميلة بُحيرد ولويزة أحريز وربّتنا على فهم العمل الفدائي الفلسطيني فزينت دفاترنا صور ليلى خالد ودلال المغربي وتيريز هلسة..
 أمي كانت تحوّل سهراتنا مهرجانات للشعر و النثر والتباري بالحكم والامثال العربية وسوق عكاظ في مكتبة أبي المتراصّة الغنيّة حيث كنّا نتحسس الكتب وأوراقها ورائحتها..
 وعلّمتنا الإستماع للموسيقى والطرب الأصيل فكانت سهراتنا الصيفية على ضوء القمر عامرة بألحان السنباطي وشعر أحمد شوقي وصوت أم كلثوم.. وقصّة أم كلثوم مع الغناء منذ صغرها في فرقة أبيها المختصة في التجويد القرآني الى جانب أخيها خالد مقنعةً بزيّ صبِيِّ حتى ابدعت بصوتها بإحياء ليلة الإسراء والمعراج بقصر عزالدين يكُن التي كانت بداية رحلتها الى كوكب الشّرق.
الى جانب مهنة التعليم والتربية كانت أُمِّي  معلمتنا في البيت. تشاركنا دروسنا في كافة المواد و خاصة مادة الرياضيات. كانت تلقننا قوانين الهندسة وصفات الأشكال الهندسية بدون كتاب، كنّا نرددها كاستظهارات في المطبخ وهي تعد طهي الطعام.. ويوم فقدت محبسها في كانون الفحم ولم نجد له بعدها أثر، لدى شرحها المكثف لي لمعضلة هندسية معاتبةً: إياك ألَّا تصبح مهندساً!!
وكانت أستاذتي في الرياضيات حتى شهادة الMaths Elem..
وأتممت العقد معها يوم وافيتها بشهادة الماجستير بالهندسة، فبادرتني: هذه قيمة محبس زواجي الذهبي!
 أربعة عقود من العمل هو مسارها المهني كمربية ومعلمة لتتفرّغ في تقاعدها بجانب والدي للعمل الاجتماعي في الشأن العام فكانت المبادرة في تأسيس جمعية أصيلة الثقافية ثم انتسبت الى التجمع العلماني الديمقراطي لتلتقي فيه برفاق الامس من قوميين عرب وشيوعيين وبعثيين وغيرهم مناضلة لمجتمع مدني عادل ومتقدم.
 فخاضت معركة ترشحها لأوّل مجلس بلديّ في عبّا، لكن ذلك ولَّد حالة رفض ذكوريّة عنوانها: وهل خلت البلدة من الرِّجَال؟.. فتنازلت بترشحها لابنها اخي السيد وخاضت معركته منتصرة بجانبه..
هذه بعض جوانب من حياة وشخصية سيدتي الوالدة، المتعددة، المتألّقة الكونية..
أُمّي،
عوَّدتِنا على إشراقتك المنيرة وعنفوانك الأصيل وقوّتك الجيّاشة ونباهتك الواسعة..
انت النّاصِعةُ حبّاً وبهاءً.
 كيف لابتسامتك المتثاقلة ان تختزل نبراس الحياة المفعم بمقاومتك المرض العُضال و تجَبّركِ على الوجع اللّئيم ؟
اعتدنا طوال حياتنا على عزيمة قرارك وصلابة موقفك وأريج حنانك بآن..
 كيف لنا ان نسوغ طيب نظراتك وهي تفتّش في فضاءاتنا عن انتمائنا لقضاياكِ..؟
و من معركة لأخرى كنت منتصرةً متألّقة، حتى خضت أم المعارك..غير آبهةٍ وقاومت ثم قاومت ثم قاومت حتى النهاية..


 ستبقى سرواتك الشامخة منتشرة بالعزّ وأغاني الرِّيح ورفرفة طيور العشق على أكتافها و تعلو سفح ألوان الزهور الباهية بعروق يديك.. كحلت عيوننا بورق التّوت والزّيتون و طيّبت جروحنا بعصارة الطيّون..
فكم لنا ان نضمّد جراحك بدفء الحبق المتواري على أطراف الحديقة، ينتظر أناملك لينشر حبه..؟؟
ويمضي الوقت على مهلٍ، يطوي فينا معطف الأيّام على ظلال العمر ونستيقظ لنشرب قهوتك الصباحيّة المُرّة وكوب الماء المغسول من ندى ورودك المصفوفة في جَنّة بنيتِها بنفسك صارت فردوسنا و هديل أحلامنا والأصوات متعالية ضاحكة، تقهقه لمجون الحياة و رشاقة جذعها المنتصب الى فضاء تعلوه فضاءات يراوغها سديمٌ لا طعم له ولا رائحة.
وانت المناضلة الحالمة المنتصرة!
 تثاءبت الورود في الأحواض أمام البيت ، وفاح الحبق بحنانك و الياسمينة الكبيرة تسأل عن وجهك و يديكِ..
عودي لها لتفرح بك من جديد!
 **********

قصيدة

 *******
أُمّي
أنا القَمَرُ العَسْجَدِيُّ
حَارِسٌ على بابِ دارِك
 وعلى ثَناياكِ الشّجينَة

فلا تربطيني بخَيْطٍ
و لا بخُصلةِ شَعْرًٍ
ولا تَرْميني بِبِئرٍ
فسَطْحُ الماءِ مِرآةٌ
 لخَباياكِ الدّفينَة
من منديلِكِ سَرَقْتُ
لوعةَ الأيّام الثّقيلة
ومن أثلامِ يديك زعتراً
كانَ الصّخرُ دَليلَهْ
ومن ساعِديْكِ
شَقائقَ النُّعْمانِ حِيلَة
ومن وَجهكِ المُضيءِ
 حِصادَ السَّنابِل ِغيلَة
فما بينَ البَيْنِ والبَيْنِ
رِحابُ خُلْدٍ
 وبَسْمَةُ فُلٍّ حَزينَة
وما بينَ اللّقاءِ والوداعِ
زَمَنٌ واعِدٌ لمَوْتٍ
يَزِفُّ للحينِ حينَهْ
******
كلمة المهندس بشار خليل ترحيني (إبن الفقيدة ) في ذكرى اسبوع على وفاة والدته المربية الحاجة نهلا حسين قديح (إم بشار) - حسينية بلدة عبا - قضاء النبطية . الأحد في 21-1-2017




بسم الله الرحمن الرحيم.

عودتنا على إشراقتك المنيرة وعنفوانك الأصيل وقوتك الجياشة ونباهتك الواسعة.

أنت الناصعة حباً وبهاءً، كيف لإبتسامتك المتثاقلة أن تختزل نبراس الحياة المفعم 

بمقاومتك لمرض عضال وتجبرك على الوجع الأليم...

اعتدنا  طول حياتنا على عزيمة قرارك وصلابة موقفك وأريج حنانك ، كيف لنا 

أن نسوغ طيب نظراتك وهي تفتش في فضاءاتنا عن انتماءاتنا لقضاياك ومن 

معركة لأخرى كنت منتصرة متألقة ، حتى خضت أم المعارك، غير آبهة 

وقاومت ثم قاومت حتى النهاية .

تثاءبت الورود في الأحواض امام البيت ، وفاح بحنانك، والياسمينة الكبيرة تسأل 

عن وجهك  ويديك ، عودي لها لتفوح بك من جديد ...

شكرا لكل من واسانا وشاركنا حزننا ..

باسم آل ترحيني وآل قديح...نشكركم جميعا..

واعظم الله أجوركم..


كلمة كوثر ترحيني غندور (إبنة الفقيدة ) التي ألقتها في حسينية السيدة الزهراء 

(ع) عبّا في ذكرى اسبوع على وفاة والدتها.



   

خاطرة :

بمناسبة اقتراب مرور40 يوماً على وفاة شقيقتي المرحومة الحاجة( أم بشار):
ستبقينَ
قارورة الطيب 
زجاجة المسك
يفوح أريجها
وستبقينٓ
الياسمينة
التي تقهر الثلج
ببياضها
وتغار منها
كل عطور العالم...
ما زالت الجورية
مبتسمة
من لمسات أناملك
اَخر مرة
رائحتها تلفُّ
الأمكنة والزوايا
وها هي
زنابق الحدائق
تُقْسِمُ
أنها لن تنساكِ
حتى تذبل الشمس
وتُطفأ.....
ــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور ناهض حسين قديح .





وانتهى.. ربيع آخر من فصول الحياة اختتمه القدر بدمعة ودعاء.. وانتهى.. 

 تسلقت روحها غمار الحياة وغشيت وغاها بكل يقين وحب.. حتى لاقت المشتهى السرمدي، والحبيب المقدس.. 
لم أستطع منع دموعي لدى سماعي الخبر، لم أصدق!! 
 انتفضت من مكاني نحو أمي اسالها وفي قلبي رجاء خفي متعلق باطراف نور يكاد يختنق عبر ظلمات الغرفة التي بدأت تضيق فجأة:
-"ماما، توفت "tante" أم بشار!!"

كانت أختي جالسة في نفس الغرفة.. تعابير وجهها شابهت ما كنت عليه:
-"لا! كيف هيك؟!"
 نظرنا كلتينا لامي عسى ان تخبرنا بما نرغب سماعه.. لكن دجى تلك الغرفة اطبق على ضياها ولم يعد اثر لذلك الشعاع الجميل الذي ربطنا به آمالنا...
 لكل من عرفها لقد فهمتم قصدي..
 لكل من لم يعرفها.. ساحدثك لماذا وكيف من الممكن أن تدخل امراة عادية قلوب الجميع ويحببنها ويتعلقنا بها   ..
حاولت أن اعيد شريط ذكرياتي لاستخلص بضعة كلمات آسفة وعاجزة أن تكفيها حقها..
حقيقة.. لم أجد في فيلم حياتي الطويل عنها غير كل حب وخير وإيمان..
 مذ ابصرنا النور.. كنا في كنفها وكنف جدتي ننعم بدفئ الدلال وحلو طعمه.. كنا معتادين على حضورها وإن تأخرت ناديناها.. احبتنا كأولادها وأحببناها كأم!
 كبرنا.. وما زلنا في محضرها تدعمنا إن تشاجرنا مع أهلنا.. تنصحنا إن قمنا بالحماقات.. وتنثر حبها علينا جميعا.. كنت كلما كتبت شيئاً قرأته أمامها كي تنصحني وتصوب هفواتي..
لذلك وكما أفتقدها.. تفتقدها كتابتي اليتيمة هذه فاعذروا تقصيرها وقصرانها عن تأدية الواجب..
 شاركتنا في كل مواقف حياتنا السعيدة والحزينة.. كانت فردا لا يتجزأ من عائلتنا.. وستبقى ذكراها خالدة في نفوسنا ما حيينا..
 إلى سيدتي الغالية.. تفتقدك أحواض الازهار.. ونسائم الصباح.. وفنجان القهوة.. وأعقاب السجائر.. يفتقدك مقعدك وسجادة الصلاة وبسمة نرجسية..
 تفتقدك صديقة من زمن قديم.. واطفال لم يبلغوا الحلم.. وأولاد ربيتهم باشفار العيون.. وطلاب خرجتهم من مدرسة الحياة ليذكروا فضلك واسمك ويفخروا بأنهم يوما ما عرفوك..
لكل من عرفها.. تعازي الحارة.. جففوا دموعكم ايها الاعزاء فان الله قد شاء..
 لكل من لم يعرفها.. ارجو ان تكون كتابتي المتواضعة قد اعطتكم لمحة عنها.. وان لم تفعل فاعذروا قصرانها..
 اختم واقول.. كما تبدأ من هنا.. حكايا ولادة كل كون جديد وروايات اندثاره.. هنا قرب معبد الاحلام اليتيمة.. حيث تجمع ضحكات الاطفال ودموع العشاق لحظات الوداع.. حيث يخلد في أفئدة النجوم كل قدس فاق ما قدر له من كمال.. بدأت حكايتها.. في عالم آخر يفوق الوصف والخيال.. قرب الرفيق الاوحد.. والمعشوق الاغلى.. فهنيئا لها مسعاها ومحياها.. وطيب ذكرها بعد مماتها..
وصيتي: اياكم ونسيانها من الدعاء..!
----------------------------------------------

 - كلمة الآنسة فاطمة حسن سعيد ترحيني ( ابنة الاستاذة مهى طلال ترحيني. )
 ألقيت في ذكرى أسبوع المرحومة الحاجة نهلا حسين قديح " أم بشار " 

- حسينية عبّا للنساء - الأحد في 21/1/2017





برقية تعزية من سماحة العلامة السيد علي السيد محمد حسين فضل الله  بفقيدتنا المرحومة الحاجة نهلا حسين قديح " إم بشار "





 خاطرة :





كم كانت تعشق مشوار البرية للتنقيب عن الهندباء ...، السِّلْقُ*...

على أعتاب الربيع تدلت عشبة العنة ، والخبيزة ، والزعتر الأخضر ... والهندباء أفترشت الأرض ...ولم تمض  " إم بشار " كعادتها مشوار البرية هذه المرة ... رحمة الله عليك..



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السِّلْقُ :  بقلةٌ لها ورقٌ طوالٌ وأَصلٌ ذاهب في الأرض ، وورقها غضٌّ طريٌّ يُؤْكَلُ مَطْبُوخًا

رثاء للمرحومة المربية الحاجة نهلا حسين قديح

الدكتور ناهض قديح ( شقيق المرحومة )

غابت شمسنا باكرا
وأنطفأ القمر ...
ذابت الشمعة
التي اهتدينا
بنورها طويلا ...
****

فقدناك أم بشار
لست أختنا فقط
كنت رفيقتنا
معلمتنا
أمّنا
نستنير برأيك...
****
رحلت الياسمينة
وأبقت عطرها يفوح..
تركتنا دون وداع
لكن بسمتها
أخذت القلوب والمهج
وهاهي تلّوح لنا من بعيد...
*****
كيف للربيع أن يزهو
بدون وردته الجوريّة
كيف لنا استقباله
والزنابق تدمع ...
***** 
ستدور أيامنا
وكأنها الرحّى
تطحن الضحكات
وتوسّع جرح القلوب ...

 ***** 
لو كان بالامكان
افتديناك بالأرواح
لكنه الموت الحق
الكل يعجز امام قراره
إنّا لله وإنا اليه راجعون ...
******************
ناهض- النبطية  23-1-2017


 الجمرة
تحرق مكانها
تزيد
من ألم الفراق
وتضاعف
من وجع البعاد...
غياب الأحبة
خنجر
يُغمد في القلوب

والمواساة
تخفف جروح الروح
قد تندمل
لكن ندوبها
تبقى وتستمر ...
هذه حياتنا
نودع ونستقبل
ولا يبقى
سوى الذكريات والأمل ...
*****
ناهض  - في 28 -1-2017

مقالة :

   جشع المواطن اللبناني  


يحيّرني هذا المواطن وخاصة المنتمي لصغار الموظفين أو العمال، وهي الفئة الساحقة من الشعب اللبناني ، وهو يعيش في مهد عيسى كما يقال، وإن كنت لا أعرف كيف كان هذا المهد!

كيفما أدرت وجهي أرى التساؤل مرسوما على وجوه الناس والحيرة تغمرهم من رؤوسهم حتى أخماس أقدامهم، وكأن عيونهم تتكلم بدلا من ألسنتهم ، وتتوالى الأسئلة : إلى أين؟ وإلى متى ؟ وماذا بعد؟ والكل ينتظر الإجابة ولا من مجيب!

حزنت لحالهم كثيرا ، وشعرت بالإحباط لما يحسون ويشعرون، وسمعت شكواهم من غير أن ينطقون ! لم يكن ذلك ذكاء مني أو فراسة ! لكن لأنني الى نفس الفئة أنتمي وأعاني ما يعانون .

بالرغم من ذلك ، فالمواطن اللبناني جشع طمّاع، متطلباته كثيرة لا تعد ولا تحصى مما يصيب أصحاب السلطة بالهلع ! حرام عليك أيها المواطن أن ترهق أهل الحكم بطلباتك الكثيرة التي يعجزون عن تحقيقها.

أنت لا تستطيع سد رمقك ورمق أطفالك من طعام، وتشقى ليل نهار للحصول عليه؟ أو ماء تشربه لتبلل ريقك أو لتنظف ما حولك؟ أو كهرباء تنير بيتك وتساعد في أعمالك ، وخاصة أن وجود الماء متعلق بوجود الكهرباء – لا وجود للكهرباء إذا لا وجود للماء – أم أنك تشكو غلاء الطبابة والدواء؟ وبعد هذا من الأكيد أنك متضايق من ملابسك التي أحبتك كثيرا ولم تتنازل عنك لعدة سنوات؟ ولم ينقص بعد، إلا الشكوى من قلة الفسح.

لا ، وألف لا! زودتها كثيرا أيها المواطن ! فما عليك إلا أن تعمل بنصيحتي فيزول عنك الهم والقهر وكل ما تعانيه : يكفيك أن تجلس وعائلتك أما التلفزيون ( إذا وجدت الكهرباء) واستطعت الإستمتاع بوجوه أهل السلطة ، فعندما يطل عليك رئيس الوزراء وخاصة خلال إقامة الموائد والمآدب ، فأنت ستشبع حقاً وتصاب بالتخمة أيضا ! أما رئيس مجلس النواب ، يكفيك أن تسمع صوته الهادر كمياه النهر المتدفقة من علٍ فترتوي ويفيض عنك لما تحتاج غير الشرب. أما بالنسبة لوزير الكهرباء، فهو يطمئن أن قرار الزيادات مؤقت، فترتاح نفسك وتنام مطمئنا. وما بالك تشكو المرض والدواء والغلاء، فظهور وزير الصحة بوجهه الطفولي البريء، وحديقه المتلعثم وكأنه يتعلم الكلام منذ آونة وجيزة ، فهذا يكفي لإبلالك من كل ألم أو مرض ةالإستغناء عن الطبابة والدواء. مهلا ، مهلا ، أبشر يا عم! سترتاح كثيرا عند إطلالة وزير المال الذي يطل عليك بطلعته البهية ومسائله الحسابية ، فيضرب أخماساً بأسداسٍ ثم يجمع الكسور ويطرحها، وفي النهاية يقسمها على بعضها فتكون النتيجة " ضرائب سخنة، وبلاوي سوداء " . ولا تفهم من تفسيراته وشروحاته إلا ما يتوجب عليك سلخه من موردك الضئيل وتسليمه إياه من غير نقصان. على كلّ فهو يريحك من راتبك وحيرتك في كيفية صرفه على عائلتك ، فهو دائماً يفكر في راحتك من الراتب بشتى الأسباب والوسائل.

وصلنا للملابس وما أدراك ما الملابس! فما عليك إلا أن تتابع عروض الأزياء النسائية والرجالية وبرامج الموضة وتتخيل نفسك تلبس بعضا منها أنت وعائلتك، فهذا يكفي ويزيد. أما الفسح! وما حاجتك بها؟ ولماذا تشكو؟ تابع أيضا زيارات النواب ونسائهم والوزراء وعيالهم  فتحس بالتعب ويرهق جسمك ، وترتخي لا إراديا أعصاب أجفانك ورعقد لسانك ، فتنام نوما عميقا من الصعب ان تصحو منه، فيقرؤون على روحك الفاتحة ، أو يصلون لراحة نفسك في الكنائس!

أما إذا صحوت ! فهذه معجزة إلهية ، يجب أن تزيد من إيمانك بالله عّز وجل، وتسرع للصلاة والشكر له! لأنك لا تزال على قيد الحياة .

ما رأيك أيها المواطن الحبيب في ربوع لبنان الأشّم؟ هل قبلت بحلولي فتشكرني عليها ؟ فوالله إن لم تقتنع بنصيحتي هذه وتعمل بها، أنا مضطرة أن أنعتك بالطمع والجشع! وهما صفتان لا تليقان بالمواطن اللبناني من جنوبه لشماله وبقاعه.

أختكم في المواطنة
الجنوبية نهلا قديح
15-8-2003