الجمعة، 19 يوليو 2013



مهرجان "الزجل اللبناني" في مدينة النبطية
أقام التجمع الوطني للثقافة والبيئة والتراث برئاسة السيد أنطوان أبوجودة "يوم الثقافة والتراث الرابع لعام 2013" (شمس الجنوب) نهار الأحد في 28 نيسان 2013م في مركز كامل جابر الثقافي الاجتماعي في مدينة النبطية.

         افتُتِحَ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، فكلمة ترحيب من العريف الدكتور علي عبد الحليم شعيب من بلدة الشرقية-قضاء النبطية بأحسن مقال وبمستوى المقام إذ أن منبر هذا المركز الثقافي عرفه شاعراً وأديباً وكاتباً.


         وشد من عضده شقيقه الشاعر الأستاذ محمد وهيب شعيب بقصيدة استقبال زجلية محيياً الوفود والشعراء بأنهم حلوا أهلاً ونزلوا سهلاً. فهو من أصل طيب من شجرة شِعْر قطوفها دانية.


         ثم قدم العريف الشاعر رفيق روحانا من بلدة عشقوت حيّا الجنوب بصموده الجبار ومقاومته الباسلة وأنه في حرب التحرير تموز 2006م،  تسببت إسرائيل بحرق كرم تين له في بلدة جرجوع ورثه عن والدته فرعاه بعطفه وسيجه بأشفار جفونه مما حدا برئيس بلدية جرجوع أن ارتجل على المنبر أبياتاً زجلية عبّر فيها عن عربون تقديره له قابلها الشاعر بإهدائه بلدية جرجوع "كرم التين" بديفوره العسلاني وتينه الأيلولي.

         فالشاعر رفيق روحانا له قدم صدقٍ في ميدان هذا الأدب الشعبي وله "المنبر الحي" في مجلة صوت الشاعر، شعاره "الزجل هم الهموم" (السنة الخامسة العدد 55 تشرين الثاني، 1994م، ص100). ومن قوله:
         "انو الزجل تراث لبناني متفرد عظيم والمحافظة على مستوى هذا التراث واجب وطني وفكري وأخلاقي". من على منبر هذا المركز شعشع نور ديوانه الشعري "وحدك الالاها" مع شتلة التبغ وحرارة المقاومة. صحيح أنه رفيق ولكنه "جلمود صخرٍ حطه السيل من علِ".
         ثم جاء دور نقيب شعراء الزجل الشاعر جورج أبو أنطون، الشاعر الزجلي المتوهج، عرّفه العريف بما يليق به كشاعر اشتهر بوطنياته ووجدانياته ويعمل على تأصيل هذا الفن الأدبي الشعبي ودفعه خطوات إلى الأمام في معراج الفكر والأدب والثقافة لبنانياً وعربياً.

         ثم قدم العريف رئيس التجمع الوطني وراعي هذا الاحتفال السيد أنطوان أبو جودة. اعتلى المنبر وارتجل خطاباً بكلام منمّق وذاكرة خارقة، كأنه رجل من رجال الأعراف يعرف الشعراء كلاًّ بسيماهم ويقدمهم للجمهور وكأنهم فلذات كبده. ويتكلم عن أهداف التجمع ودوره الوطني وكأنه نشأ بين جلالي جبل عامل ووِدْيَانه وجباله.
         وقد عرفناه سابقاً بمساهمته مع الجيش المفدى بإقامة محميات حرجية وزرع النصوب في ربى الوطن ونالنا حصة كبرى منه بمساهمته بتحريج جبلين في بلدتنا عبا مطلع هذا العام 2013م. يزرع الأشجار في رحاب أرض الوطن ويزرع فنون الزجل في ذاكرة أبنائه محيياً مجدداً ذكرى حفلة الشحرور وعلي الحاج القماطي في بلدة النبطية عام 1938م.
         جرت هذه الحفلة في مقهى (محلات محي الدين) بين الشحرور وعلي الحاج القماطي. وكان بين الحضور الحاج عيسى شعيب من بلدة الشرقية ومعه ابنه زين شعيب، فتقدم الحاج عيسى من المنبر وقدم ابنه زين لاختباره في ميدان الزجل، فقال له علي الحاج القماطي:
         يا زين عود الزين رمح المرجلي            من نصلتو عتم الليالي بينجلي
         ترجل وصول بكل ساحات البشر       بس اوع تخشى عا ساحة علي
         فرد الزين بقوله:
         يا علي عـابو علـيّ لا تعتــلي             ساحة علي التلتين بالطابــو إلي
         صرلك عكرسى الزجل خمسين عام               وبعدك علي ما صار اسمك بو علي

         والجدير بالذكر لو أن الشاعر خليل روكز على قيد الحياة لاستقبلك يا سيد أبو جودة مع شعراء تجمعك على مدخل النبطية بقصيدة عصماء بعد ما حلّ عام 1941م. في دير النبطية الفوقا ناطوراً وراعياً وذلك بعد وفاة والدته في وادي الليمون عام 1940م. من هذا الدير ومن هذه المدينة تفجرت موهبته الشعرية الزجلية مع الشاعر عباس حرقوص من بلدة حاروف، ولاحقاً مع قاسم العباوي وأبو علي زين شعيب.
         من أجل مجدك يا لبنان يعمل السيد انطوان أبو جودة بحافز وطني ويصلب بثالوثه: الثقافة والبيئة والتراث، ليسلم الوطن من رديات الزمان تليق به الوجاهة وتبدو عليه العافية ولله الحمد كأنه لم يمر عليه حرب ولا شهر رمضان وكان من الأجدر أن يقدم بعد النشيد الوطني ولكن هو حجر الرحى في هذا لمحفل ولو أنه تواضع بإلقاء قصيدة زجلية دسمة ارتجلها على المنبر لا بأس بها وإن كانت "قرقش ولا تجوع".

         واعتلى المنبر الشاعر علي جمعة من بلدة أنصار، كأنه فارس من فرسان الجنادرية. ألقى قصيدة زجلية فيها لسعة شعرية مميزة معبّرة عن معاناته في بلاد الاغتراب جاداً بالعطاء في هذا الميدان محولاً صالونه إلى منتدى شعري فيه العدّة الكاملة من منبر ومذياع وكراسي وحشم وخدم من متعلقين وأم العيال والأولاد. فإبنه الصغير يحمل عصا متمثلاً بالشاعر ابراهيم حمام صادحاً بأبيات زجلية حلوة المذاق كحلاوة تذوقه قطعة من الحلوى مع شرب العصير كلما أنشد بيتاً زجلياً فهو تلميذ اليوم وأستاذ المستقبل مهيءٌ لأن يكون وزيراً للاقتصاد في حكومة أنصار الفلتانة.
         ثم تذوقنا الشعر الزجلي المغنى من الشاعر موسى جعفر من بلدة دير الزهراني بصوته الجميل وحلقنا معه في أجواء الشعر الزجلي الوطني الذي أصبح له مكانة عالية في هذا الميدان. وبقينا فترة مع الشعر الزجلي مع الفنان أحمد حمدان من كفر ملكي إذ نقلنا إلى جذورنا في قرانا في حقولها وساحاتها وبيادرها وسنجقها منسجماً مع ناظمها الشاعر أبو غسان علي داوود ترحيني من قرية عبا.


         وفي الجلسة الثانية قدم العريف اشاعر وليم حسواني من الحدث: "صالون وليم حسواني" أشهر من أن يعرف. يعرف الشاعر بمطلع القصيدة. فإن كان المطلع فخماً كتب للقصيدة الحياة فأجود الشعر ما يعلق بالذاكرة وتتناقله الأجيال. وخافت رئيسة أحد المنتديات أن لا يتقيد ببحور الشعر: فهذا بيت طويل وذلك قصير. ولكن خاب ظنها واعترفت بأن هذه القصيدة الزجلية ستلحق كل واحد منا إلى بيته مع أنه نقلنا من مكاننا إلى صالونه الأدبي، فنتكئ على أرائك مصفوفة لا تعرف شمساً ولا زمهريراً.
         فالواضح من شعره وأدائه أنه لا يتوكأ على أحد ولم يسرق ألوان أحد ولم يستعر ومضاً من حر أحد ولا ننسى لقاءاته وندواته مع الكثير من الشعراء وخاصة إميل نون وموسى زغيب.
         أما الشاعر عادل خداج جاء متألقاً في صوره البيانية وخياله الواسع في مقام عالٍ شامخ كشموخ بلدته كفر متى مربض الأسود. بأحاسيسه المتوهجة يأخذك إلى آخر بيت في القصيدة ذات السهل الممتنع.
         ثم قدم العريف الشاعر علي زين شعيب من بلدة الشرقية هذا الفرع الطيب من الأصل الطيب، فتعهُدْ الشعر والاستمرارية في اللقاءات الشعرية والندوات الأدبية تهيئ الشاعر ليحتل مرتبة عالية من مراتب الأدب والفنون وهذا الذي لم يجاريه هذا الشاعر الفذ الذي لا يطل علينا إلا نادراً لأن معدنه تبر ونور سراجه لا يخبو كأنه علم في رأسه نار.


         والآن جاء دور شاعرنا الشاعر علي داوود ترحيني من بلدة عبا. يطيب له إنشاد الشعر الذي تغذاه مع حليب أمه (شقيقة الشاعر الكبير أبو علي زين شعيب) ونشأ معه وتعهد شعره باكراً ويافعاً حتى أصبح بلبلاً صداحاً على منابر الأندية. فشاعريته من قلبه ومن عقله. إلقاؤه كان سريعاً فأنت بحاجة إلى سرعة سباق ال 100م سريع حتى تلحق به. فضيعتنا عبا عرّفها الشاعر قاسم العباوي في جميع المحافل والمناطق اللبنانية، وأما أبو غسان فجعلها بلدة جامعة. قدم لها الكثير ولم يطلب ولم يعط بدلاً وعلى يديه أصبحت في ذاكرة الوطن. وشعره الوطني طيب المذاق كطيب الابتسامة في شفتيه.


         ثم قدم العريف الشاعر أنطوان سعادة من دير دوريت ورئيس جوقة المسرح. احتضن الفتاة كلارا خليفة التي ألقت قصيدة للشاعر سعيد عقل وارتجل أبياتاً زجلية تتناسب مع المقام. إلقاؤه جيد وشعره يتدفق كالشلال وإن كان في ديوانه " نقدة عصفور" فهو على هذا المنبر نسر من نسور درى الجبال.



 سافر بنا إلى أصواب شتى ونحن في مكاننا واعتصر شؤون الحياة وشجونها يغذي فكرك وأنت صامت. وخاصة في وقفته الصادقة مع "الشعب والمقاومة والجيش". فهو كالنسر الذي يعشق الجبال ويأبى النـزول إلى السهل حتى لا تثور الجبال لأنها موئل النسور.


         وفي الختام ألقى الشاعر دعيبس مقلد من بلدة القليعة قصيدة عاطفية ووطنية. ومن الملاحظ أن ممثل الوزير السابق الاستاذ ياسين جابر المحامي الأستاذ جهاد حابر ظل متابعاً أعمال المؤتمر حتى النهاية وشارك بتقديم الدروع للسادة الشعراء وأصحاب الأندية بمساعدة رئيس بلدية بلدة عبا السيد داوود ترحيني بالإضافة إلى جمعية كشافة الجراح وجمعية أنصار البيئة – سير الغربية.



         وساهم بتسليم الدورع السادة:
         سعادة النائب السابق الدكتور بيار دكاش

         محافظ الجنوب الأستاذ نقولا أبو ضاهر
         نقيب شعراء الزجل في لبنان الشاعر جورج أبو انطوان
         الفنان الكبير الأستاذ وجيه نحلة

         الممثل الكبير الأستاذ أنطوان كرباج

         المخرج المميز الأستاذ أنطوان غندور
         وكُرّمَت السيدة الجليلة نجلا مصطفى سعد رئيسة مركز بنك العيون في صيدا.

         وكذلك تم تكريم:
         الدكتورة سلوى سعادة، زحلة.
         والدكتورة فتال رئيس المنتدى الأدبي في طرابلس
         والدكتور قاسم القادري – كفر شوبا
                           الأستاذ خليل توفيق ترحيني أبو بشّار - نال شهادة عربون محبة وتقدير بهذه المناسبة 

ملاحظات:
1- حريق في حافلة المشاركين في المؤتمر على طريق المصيلح وفقاً لما جاء في جريدة السفير في 29/4/2013م.
المصيلح: حريق في حافلة:
"أدى احتكاك كهربائي في حافلة للركاب على طريق المصيلح "السفير" إلى اندلاع النيران فيها، وقد كانت تقل عدداً من المشاركين في مؤتمر "التجمع الوطني للثقافة والبيئة والتراث" في "مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي" في النبطية. ولم يصب أحد من الركاب بأذى، في حين عمل الدفاع المدني على إطفاء الحافلة".

                               صورة عن جريدة السفير في 29/4/2013م.
2- لم يدع جمعية أصيلا الخيرية الثقافية   في بلدة عبا برئاسة المربية نهلا قديح ترحيني للمشاركة في هذا اللقاء الشعري الرائع وهي رئيسة جمعية "أصيلا"  ومنتداه الثقافي في بلدة عبا.
نموذج دعوة لندوة شعرية.
           جمعية اصيلا الخيرية الثقافية " المنتدى الثقافي" في بلد ة عبا
           يتشرف بدعوتكم لحضور اللقاء الشعري مع المربية الشاعرة ليلى رشيد نصار.
           المكان: قاعة شاتو كافيه، عبا، قضاء النبطية
           الزمان: الجمعة، الواقع في:؛ 24/9/2004م، الساعة الخامسة والنصف عصراً