الثلاثاء، 13 أغسطس 2013


الأمسية النبطانية *
الجمعة 14 حزيران 2013.
                           الأمسية النبطانية بحضور العلامة الشيخ عبد الحسين جعفر صادق 


حي السرايا في مدينة النبطية عام 1945م


         في 10 تشرين الأول عام 1945م تسجلت في المدرسة الرسمية في النبطية مع رفاقي عبد الحسن عميس وأخي حسن في الصف الرابع الابتدائي وكان مدير المدرسة الأستاذ عبد اللطيف فياض ومدير الدروس الأستاذ أنطون الصائغ والناظر الأستاذ ملحم عازوري.
         استأجرنا غرفة في دار الشيخ أمين عقيل باقر مع صاحب دكان من بلدة الدوير (علي قانصوه الدويري) وفي غرفتين متجاورتين يوجد المستأجران السيد عبد الحسين إبراهيم من عيناتا ألّف كتاب "سفينة النجاة" وشوفير تاكسي من آل صدقة بجوارنا السرايا ومخفر الدرك ومرآب الخيل ومنزل الحاج عبود بيطار ويسكن في داره كامل الزعروري مع والدته وأخته كاملة ومنزل حيدر نحلة وأخوه أبو حلاوة ينادي كل دار دار في ليالي شهر رمضان وبجانبه منزل الحاج حسن الحاج علي وفي المقابل منزل راشد من آل محي الدين وإخوانه وشقيقتهم "زئار" ومنزل الحاج محمد قديح أبو قاسم وأبو العبد نحلة والشاعر أبو معن بيطار ودور الخزاعلة وأبو كامل بيطار وفي الجوار دور آل الدقدوق ووالد أبو علي بيطار والأستاذ عبد الكريم وهبي الزغبي ودار آل فخر الدين ودار يوسف فران وأبو فهد محمد سلوم والديماسي وزوجته منيفة سلوم وأبو جميل نحلة وزوجته "الكاكا" ومنزل أبو الفوز (أبو كامل) كلوت والحاجة زهرة ودار السيد بدري بدر الدين ومنزل أبو هاشم درويش وأخته يمن وأمه الدرويشة ومنزل كامل شميساني وإبراهيم الحاج خليل وآل خريزات وأمين سلوم.
         وكان الطلاب من مختلف قرى جبل عامل يستأجرون غرفاً في حي السرايا منهم رفاقنا: باسيلا وإخوانه، إسماعيل إبراهيم وإخوانه، عبد الرؤوف فضل الله وعلي خنافر وجورج مرقص وكرم كرم... وغيرهم لأنه لا يوجد مدرسة تكميلية رسمية فيها صف الـ Brevet غير النبطية في جبل عامل آنذاك.
         وفي طريقنا إلى المدرسة كنا نمر على دكان الحرفوشي من آل الحاج علي في ملك أبو حسين علي فقيه وفي المقابل دكان السيد شريف بدر الدين وزوجته الحاجة عطرشان وعلى جانبي شارع حي السرايا صفت دكاكين الصنعة على الجنبين في سوق من أهم أسواق جبل عامل آنذاك وفيه دكاكين السادة: حيدر شميساني – وهبي الزغبي – أبو علي سلوم – الديلاتي – فخر الدين – يوسف جابر – الحلاق أبو لطفي فران والحلاق الكسرواني وحلويات بدر الدين ومحل محمد قديح وعلي الدويري والشيخ علي كركي والسنكري : الكردي من آل طه وكان يعمل معه أسعد سلوم وشقيقه اللولو. ودكان مختار شوكين.
         وعلى مدخل الجامع محمصة الشامي أبو عادل الشالوحي من مرجعيون وكان محل محمد قديح مجمّع يومي لبعض وجهاء النبطية لصلح الحال بين المتنازعين فيما بينهم من القرى المجاورة بمجيئهم إلى السرايا. فتحل المشاكل ويتم الصلح وهذا من شيم الكرام.
         وكانت الحذوة (مشاية، مركوب، وصباط) مكفولة لسنة من أصحاب الصنعة لأنها تصنع من جلود الحيوانات المتينة والغير مغشوشة وخاصة يكون النعل من بطن الجلد أو ظهره كما هو متعارف بين أصحاب الكار ومأخوذة من جلد الإنسان أقوى عضلات الجلد موجودة في البطن والظهر. وغالباً ما يتم شراء الأحذية بواسطة الخيطان بمقياس الأقدام. الخيط يكون بطول القدم ويتم شراء الحذوة واللباس لمرة واحدة في السنة وفقاً لقدرة كلفة المعيشة.
         وكنا في معيشتنا اليومية لا نعرف وجبة الإفطار صباحاً لأنه لا يوجد بابور سبيرتو ولا عدة شاي والترويقة لم نعرفها في القرى إلا بعد الخمسينات من القرن الماضي.
         وكان اللباس الدارج في القرى الشروال والبدلة بزفير فاستبدلت بالكاكي والقمصان.
         وعندما تسجلت في المدرسة كنا نلبس الشروال. فأخذ التلامذة يشدون الشروال مع الضحك والهرج والمرج مثل التلامذة: فؤاد الزيون وخليل رضا وأحمد رضا (بلوطة) والنون وعلالا.
         وكانت الكهرباء من الساعة السادسة حتى منتصف الليل والموتور على العين يطلق أصواتاً متقطعة تسمع في أرجاء النبطية ويديره: أبو جورج سعد وحبيب تقش. وكان يوجد بيدر حول العين وعلى بعد مسافة قصيرة منزل لآل طه كان يسكن فيه القسيس يوزع فرنكات على من يتردد عليه صباح كل أحد.
         وبحكم الجيرة كنا نتردد على دكان السيد شريف بدر الدين وخاصة أيام العطل نكون إلى جانب رفيقنا في المدرسة ابنه حسن شريف: له سطوة وحضور بين أولاد الحي وعلى البيدر وفي المدرسة. فنقوم ببعض الأعمال في البيت وفي الفرن. وبقي العطف عليّ وعلى الحاج عميس من قبل والدته الحجة عطر شان إلى أن توظفنا وتزوجنا.
         وكان جيران السيد شريف بدر الدين آل سلوم: عبد الحسن سلوم أبو قاسم وإخوانه عبد الكريم. ابو قاسم وعبدالطيف: أبو أحمد وهو من قبضايات النبطية.
         وكانوا شبه دولة مستقلة يتعاطون تجارة الخيل والبغال والحمير رجال أشاوس لهم اليد الطولى في سوق النبطية وأسواق جبل عامل مع مزاج خاص في البيع والشراءوخاصة كبيرهم ابو قاسم عبدالحسن سلوم
         في نهار عطلة ساعدنا رفيقنا حسن شريف بدرالدين بقطع فند من شجرة توت متدلية على سطح منزله تخص أبو قاسم عبد الحسن سلوم. فهجم علينا متوعداً ومزبداً وكاد أن يضربنا لولا تدخل السيد شريف الذي تعجب من صراخه وندائه في الحي بصوت عال:
         يا جماعة خرب بيتي. من هذا الفند كنت أرسل سلة توت كل عام للملك سعود فانقطع رزقي. فحسم الأمر السيد شريف قائلاً له: نتسبدلها بقفة دحروب أيلولي.
         ومرة حضر عمي لاسترجاع فرس عطباء من عند أبي قاسم فنادى في السوق أمام محل محمد قديح بالناس أن شوفوا هالسيد شو طالب: طالب استرجاع الفرس وعليها هذه البرضعة التي ركب عليها الإمام علي (ع) ثلاث سنوات في حرب صفّين.

         وكان عنده قسم يمين خاص عند البيع بقوله: وحياة خمسين جمل وكل جمل محمل عديلتين وكل عديلة فيها مليون حبة سمسم وكل حبة بتقول: والله. وبرقبتي بولادتي: "مش ربحان ببيعة هالكر الا  هالوتكة".
_____________________________________________________
الأمسية النبطانية : تقام كل شهر مرة في منزل من منازل أبناء النبطية يتخللها مداخلة توجيهية دينية للعلامة الشيخ عبد الحسين صادق, يليها حكايات تحيي ذكريات النبطية ورجالها, ويقدم الاستاذ خليل ترحيني, أهم الذكريات عن مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي, تلك التي قضاها في النبطية وعاش مراحلها,ليشكل تأريخا لتلك المرحلة وحفظا لهذه الذاكرة التي تعد اثراءا للتراث الشعبي المحكي لهذه المدينة التي كانت ومازالت حاضرة جبل عامل .. 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق